Monday, 30 March 2015

The great gatsby Arabic translation



غاتسبي العظيم

غاتسبي العظيم (بالإنجليزية: The Great Gatsby‏) رواية من تأليف الكاتب الأمريكي فرنسيس سكات فيتزجيرالد نشرت لأول مرة في عام 1925 وتعتبر هذه الرواية واحدة من كلاسيكيات الأدب الأمريكي وإحدى أهم الوثائق الأدبية التي أرَّخت لعقد العشرينات الصاخب Roaring Twenties، وهي فترة مفصلية شكلت نقطة تحول في حياة الأمريكيين، أخلاقياً ومادياً واجتماعياً، أطلق عليها فيتزجيرالد اسم عصر الجاز The Jazz Age، فأضحى المسمى في ما بعد المصطلح المعتمد في الدوائر الأدبية، الأكاديمية منها وغير الأكاديمية.
يبدأ عصر الجاز مع نهاية الحرب العالمية الأولى (1918)، بعيد رواج موسيقى الجاز، عندما أخذ الاقتصاد الأمريكي يحقق أفضل أداء له بمعدلات غير مسبوقة من النمو. واستتبع ذلك ولوج أمريكا عصراً من حال الدعة بعد البؤس، عصراً ذهبياً براقاً متخماً ركن فيه أصحاب النعمة إلى الرفاهية، والتبذير، والرخاء، وما رافق ذلك من السعي وراء المتع الحسية وضروب التسلية مع دخول المخترعات الحديثة كالسيارة والتلفون والنقل الجوي . إلخ التاريخ البشري لأول مرة.

 محور الرواية

تبدأ الأحداث الفعلية للرواية في صيف عام 1922 أي بعد حوالي عامين من دخول القانون المعدل الثامن عشر للدستور (Eighteenth Amendment) حيز التنفيذ بعد إقراره عام 1919 والذي حُرّمت بموجبه الكحول حيث عُرفت تلك الحقبة بـ عهد تحريم الخمور Prohibition، فكان ذلك موضع ترحيب الملايين من البروتستانت بوصف القانون نصراً أخلاقياً. ترتب على ذلك انخفاض استهلاك الطبقة العاملة من الخمور، وتراجعت معدلات الوفيات والأمراض الناشئة عن معاقرتها.
بيد أن ذلك القانون إن حل بعضاً من مشكلات الولايات المتحدة الصحية، فإنه فاقم أزمتها الأخلاقية بعد أن نشأت تجارة غير شرعية للخمور: صناعة وتهريباً وبيعاً وتعاطياً، مفرزة شريحة من المهربين Bootleggersلم تعدم الحيلة في إيجاد أماكن لبيع المهربات واحتسائها عُرفت بـ الغرز Speakeasies ما لبثت أن غدت أوكاراً للعصابات وجرائمها المنظمة ليغدو من أبرز أساطينها آل كابوني Al Capone (1899_1947) في شيكاغو، إلينوي.
لكن نهاية نفس عام 1920 شهد التطبيق الفعلي لقانون معدل آخر يفوق القانون السابق أهمية، ألا وهو قانون الانتخابات الذي منح المرأة حق المشاركة في الانتخابات الذي تمكنت بموجبه حوالي ثمانية ملايين امرأة أمريكية (بيضاء) من التصويت لأول مرة. وتبع ذلك الحدث الهام انفلات الحرية الشخصية من عقالها، وإطلاق العنان لحرية التعبير الفردي، وبرزت نزعة عنيدة نحو الفردانية Individualism مع تنام تدريجي لنفوذ الملونين، لا سيما السود، في الوقت الذي كان فيه نظام القيم الاجتماعية يتداعى أكثر فأكثر بالتوازي مع كل انخفاض لمؤشر البورصة، قبل أن ينهار الاثنان سوية انهياراً مدوياً يوم الخميس الأسود Black Thursday، مؤذناً بفاتحة فترة الكساد العظيم The Great Depression التي أناخت بكلكلها على أمريكا حتى عام 1939.
من جملة ما تنعاه الرواية اللهاث وراء النجاح واللذة العابرة والحلم الأمريكي، كما تهجو، بلبوس حكاية حب خيالية، تفسخ نظامي القيم الاجتماعية والدينية بعد أن كانا نظامين يتسمان بكثير من المحافظة والتدين الذين يرجعان في أصولهما إلى المهاجرين الأوائل: الآباء الحجاج The Pilgrim Fathers أو الطهرانيين Puritans الذين أتو من إنكلترا إلى شمال أمريكا على متن الباخرة مي فلاور Mayflower عام 1620 فراراً من اضطهاد الكنيسة الانجليكانية التي أسسها الملك هنري الثامن )1491_1547( لتبرّمهم من كنيسة يرأسها الملك وتديرها الدولة، باحثين عن بقعة من الأرض ليبنوا عليها مجتمعاً مسيحياً ورعاً يتيح لهم ممارسة عقائدهم الدينية بحرية.
وقد رصد فيتزجيرالد في روايته نواح عدة من مظاهر التغيرات التي طرأت على حياة الفرد الأمريكي، سواء كانت تلك اختلالات سلبية أو تطورات إيجابية تراوحت بين مكانة المرأة وقضية تحررها، ومسألة تفوّق الرجل الأبيض والتوجس من الأعراق الأخرى، ومشكلة العصابات والجريمة المنظمة، والفساد، ودهشة الاختراعات "الحديثة" (آنذاك). . . إلخ. لقد أطلق فيتزجيرالد اسم "عصر الجاز" على تلك الحقبة التي عاشها من بواكيرها إلى منتهاها ليراها تهمد بعد أن استنزفت نفسها.
أما النساء فكاد فيتزجيرالد أن يفرد لهن نصف صفحات الرواية ويساويهن بعدد الشخصيات الرئيسة فيها: فهنالك ديزي حبيبة غاتسبي المتزوجة من توم بوكانن، ولاعبة الغولف جوردن بيكر صديقة ديزي التي تستأثر باهتمام الرواي نك كاراويه، وميرتل عشيقة توم بوكانن، وهنالك شخصيتان أنثويتان ثانويتان هما كاثرين شقيقة ميرتل وجارتها مسز مكي. بيد أنهن جميعاً يصورن إما ساذجات ذوات ثقافة ضحلة لا يرمن إلا المال، وإما قويات الشخصية إلى درجة الاسترجال، أو متحررات يخدعن أزواجهن.
وتسجل الرواية ما أصابته المرأة من نجاح في انتزاع حق المساواة مع الرجل، فما نراه من المُسلّمات الآن في الحياة الأمريكية كان حلماً بعيد المنال للنساء آنذاك. فمثلاً، لم تمنح ولاية نيويورك المرأة حق التصويت إلا عام 1917، أي قبل وقوع أحداث الرواية بخمس سنوات فقط، وهذا ينسحب على حقوق عديدة كحقها في السفر، وممارسة الرياضة، وقيادة السيارة، وما استتبع ذلك من ممارسات أتت بها الحرية والمساواة كالتدخين، وتعاطي المشروبات الكحولية، والحرية الجنسية . . . إلخ، وهكذا تمتعت النساء في ذلك العصر بحرية لم يتسن لهن أن يحلمن بها من قبل، وكل ذلك كان حاضراً في ذهن فيتزجيرالد الذي التقط كل تلك الجزئيات في مجتمع سريع في تطوره، متطور في إنجازاته.
يستهل الفصل الأول من الرواية بسرد يقدمه نك كارويه، الراوي، عن نفسه وشخصيته وأصوله العريقة وعائلته الموسرة، ومتى ولِمَ ذهب إلى نيويورك، مسرح الأحداث، ولماذ قفل عاداً منها. وكارويه راوٍ ثقة لا يرتاب القارئ في ما يقوله لما يقدمه من أوراق اعتماد مقنعة تنفي عنه ريبة الانحياز أو تلفيق الوقائع: فهو إلى جانب كونه راوي الحكاية، فهو أيضاً أحد أبطالها، والشاهد على أحداثها والمطلع على جميع حيثياتها من منظوري بطل الرواية (غاتسبي) وخصمه (أو خصومه)، لمجاورته قصر غاتسبي، ولصلة القربى مع ديزي حبيبة غاتسبي، ولمساحة الحركة المتاحة له التي تمكنه من التقاط شذرات من هنا وهناك مما يخوض فيه الخائضون الذين يتسنى له التعرف إليهم عن طريق غاتسبي وديزي. كثيراً ما تدرج الرواية على قائمة أفضل عشر روايات كتبت باللغة الإنجليزية، وهي بلا أدنى ريب من أفضل ما كتب من نثر في الأدب الأمريكي منذ نشأته قبل حوالي قرون أربعة. ومن المؤشرات الأخرى على منزلة الرواية مداومة الكتّاب وكتّاب سيناريو الأفلام والصحفيين والسياسيين الأمريكيين على الاقتباس من عباراتها والاستشهاد بجملها، فآخر سطر في الرواية، على سبيل المثال، أصبح واحداً من الأكثر وروداً في سياقات المقالات الصحفية وحوارات أفلام هوليوود وسواها من مسلسلات تلفزيونية: "وهكذا نواصل التجديف، ومراكبنا تبحر عكس التيار، لنُحمَل دونما توقف إلى الماضي." وهذا السطر مشابه ربما لما خطه قلم طه حسين في كتابه الصادر عام 1926 في الشعر الجاهلي حيث يقول: " . . . الزمان صائر إلى الشر لا الخير . . . الدهر يسير بالناس القهقرى: يرجع بهم إلى وراء ولا يمضي بهم إلى أمام."
تنتهي الحكاية التي يتمحور موضوعها حول قضيتي المال واستحواذ فكرة واحدة على وجدان البطل بمأساة يسقط صرعى فيها ثلاثة من شخوصها لتنتقد بأسلوب غير مباشر المهاجرين في بواكير القرن العشرين في سعيهم وراء تحقيق الحلم الأمريكي The American Dream الذي تلخصت فكرته بأن الولايات المتحدة هي أرض الفرص التي يمكن فيها لأي مهاجر أن يصيب قدراً من النجاح والثروة إن هو جد في سعيه.
تنتهي "الحكاية" وتبقى تأملات الراوي نك كارويه في ذلك المساء الأخير على ساحل وست إيغ وهو يحدق من الشاطئ إلى قصر غاتسبي المهجور الذي كان يعج يوماً بالرقص والقمر والأصدقاء والغناء والموسيقى والبذخ والنساء. تبقى تأملاته بمثابة مرثاة مهيبة تردد صدى ناقوسها الناعي في سديم بعض من الأدب القصصي الأمريكي بنغمة حِداد بديعة.
لم يتيسر إلا لقلة من الكتاب الأمريكيين ممن تحدثوا عن يأسهم من أوضاع الإنسانية أن يأتوا بفصاحة فيتزجيرالد وبصوره الفذة. لقد تركت كل من شخصية غاتسبي المأساوية الفاسدة وصوت نك كارويه الأبح المحبَط المنادي بالأخلاق في جمهرة القراء والكتاب الأمريكيين أثراً لا يمّحي.

[عدل] المؤلف البطل

غاتسبي العظيم ليست محض حكاية غرام، بل بالحري قصة كد ومثابرة لشاب معوز لكنه طموح مغامر ينطوي على إمكانات واعدة يفشل في الزواج من فاتنته الموسرة حتى بعد أن أصاب حظاً من الثراء فاحشاً. فإلى جانب التوثيق التاريخي والاجتماعي لحقبة عصر الجاز فإن الرواية تعطي في تضاعيفها إلماعات إلى أحداث شخصية في حياة كاتبها، إذ لم يفلح فيتزجيرالد في الوقوف على مبعدة من حياته الخاصة، وهذه إحدى سمات أسلوبه الذي يتميز بكثير من إسقاطات التجربة الشخصية والسيرة الذاتية، وهو أمر لا يدين الكاتب ولا العمل، فانشباك الفنان بأعماله الإبداعية مسألة جدلية قديمة قدم الإبداع نفسه.
الرواية اشبه ما تكون بقصة اعترافية لحياة فيتزجيرالد مع زوجته زيلدا. فهو، كالراوي نك كارويه شاب دائم التفكير، مثقف، من ولاية مينسوتا، يدرس في إحدى أعرق الجامعات الأمريكية (نك يدرس في جامعة ييل Yale) وينتقل بعد الحرب إلى مدينة نيويورك.
ويشترك فيتزجيرالد مع بطل الرواية جيه غاتسبي في أنه شاب يعبد الثروة ليقدمها ذبيحة تحت قدمي شابة ظالمة الحسن يتيّم بها أثناء أدائه الخدمة العسكرية في الجنوب.
المؤلف والبطل يأتيان من خلفية متواضعة، لكنهما ينجحان في مسيرتهما العملية في سن مبكرة نسبياً. وكما عاد فيتزجيرالد من نيويورك بعد رواج روايته الأولى للزواج من زيلدا (أنظر حياة الكاتب) بعد أن كانت رفضته لفقره، يعود غاتسبي وقد وصل إلى غاية الثراء وخرج من الضيق إلى السعة بعد ضنك العيش وتباريح الشوق في جبهة الحرب ليبحث عن ديزي التي كانت تزوجت من رجل آخر.
كحال غاتسبي، قدّس فيتزجيرالد الأثرياء بعد أن وجد نفسه يعيش في الشرق (الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأمريكية، وخاصة مدنه الكبرى كـ نيويورك، وبوسطن، . . . إلخ) في بيئة تميزها نزعات مادية لا ضوابط لها، لكنه آنس في ثنايا تألق عصر الجاز ذاك خواءً أخلاقياً ومراءاة و"لامبالاة جمة"، لاقت جميعها هوى في نفسه بما كان لديه من استعداد لمثل هذا الغياب الأخلاقي.
يقول فيتزجيرالد في مقالته الانهيار The Crack-Up التي بسط فيها كيف وقع الانهيار العاطفي الذي تبع نجاحه الباهر المبكر ككاتب مرموق در عليه قلمه آنذاك أموالاً طائلة، يقول: "إن معيار الذكاء المتوقد يكمن في القدرة على اعتناق فكرتين متضاربتين في آن، وفي الاحتفاظ بالقدرة على العمل مع ذلك". وعليه، يمكن النظر إلى سيرة فيتزجيرالد العملية كسلسة من النضالات لتحقيق هذا الالتقاء المثالي بين التوتر الفكري والمقدرة الخلاقة. إن غاتسبي العظيم هي محاولة فيتزجيرالد لمواجهة مشاعره المتضاربة في كونه ممثلاً وناقداً لعصر الجاز في آن معاً.
وكما الأعمال الإبداعية المتميزة، فإن مرد الإبداع في الرواية ليس وثائقيتها وحسب، وإنما اشتمالها على عناصر العمل القصصي الناجح الذي يمكن أن يدرس كل على حده، كاللغة وأسلوب السرد والشخوص والحبكة، وأسلوبه الساخر، فغاتسبي "العظيم"، مثلاً، لم يكن عظيماً.
يقول الناقد الأمريكي ليونيل ترلنغ Lionel Trilling إن إبداع فيتزجيرالد كروائي لا يكمن في مقدرته السردية، وإنما في "صوت نثره" الرقيق الأنيق الذي قلما يتخلى عن سخريته حين يكون فيتزجيرالد منغمساً في العمل الذي يكتبه، ولا يضحّي أبداً بتعاطفه إذا ما نأى بنفسه عما يكتب.

[عدل] الرواية والسينما

  • تم تصوير الرواية منذ صدورها حتى الآن أربع مرات حملت جميعها العنوان الأصلى للرواية. كان أول فيلم عام 1926 فيلما صامتاً من بطولة وارنر باكستر Warner Baxter ولويس ويلسون Lois Wilson ووليم بويل William Powell ومن إخراج هربرت برنون Herbert Brenon. أما الفيلم الثاني فكان عام 1949 للمخرج إليوت نغنت Elliott Nugent لعب دور البطولة فيه ألن لاد Alan Ladd، وبتي فيلد Betty Field، وشيلي وينترز Shelley Winters. الفيلم الثالث أنتج عام 1974، وكان من إخراج جاك كلايتون Jack Clayton وهو الفيلم الأكثر شهرة، أدى روبرت ردفورد Robert Redford دور غاتسبي، ومثلت ميا فاراو Mia Farrow دور ديزي بوكانان، أما سام وترستون Sam Waterston فأدى دور نك كاراويه، وكتب السيناريو فرانسيس فورد كوبولا Francis Ford Coppola. لكن حسب رأي النقاد، فإن فيلم 1949كان أكثر إخلاصاً في تصوير الرواية وحبكتها، رغم مهارة كوبولا، المخرج والمنتج وكاتب السيناريو الفائز بجائزة الأوسكار خمس مرات. أنتج الفيلم الرابع عام 2000 لكنه لم ينتج للسينما وإنما كان فيلماً تلفزيونياً من بطولة توبي ستيفانز Toby Stephens وبول رد Paul Rudd وميرا سورفينو Mira Sorvino. في نسخة الفيلم الذي أنتج عام 1974 كان عهد في بادئ الأمر إلى الأديب الأمريكي ترومان كابوتي Truman Capote لكتابة السيناريو، وقد صور كلاً من نك كاروايه وجوردن بيكر على أنهما شاذان جنسياً. لكن لسبب أو لآخر تم استبعاد كابوتي من كتابة السيناريو ليتولى فرانسيس فورد كوبولا كتابته دون أن يتطرق إلى قضية الشذوذ.

No comments:

Post a Comment